الخميس، 24 يونيو 2010

الصوت الثالث


لعن الله قانون الطوارئ الذي أنجب كراهية تسيدت المشهد في الشارع المصري، وسمح للأصابع الخفية بأن تغزل الحقد ثوبا للقلوب.
شاهدت متظاهر وفرد أمن..الأول يحاول حماية نفسه من العصا التي قرر الثاني أن يضربه بها، وهو يوجه إليه لكمة قوية، بينما يسيطر الرعب على وجه الجندي الجنوبي المصاب بالأنيميا والحنين إلى أهله في الصعيد.. جعلتني الصورة المنشورة في إحدى الصحف أتأمل العداء بين مواطنين لا تحتاج مصر إلا للمصالحة بينهما. واتساءل: من المسئول عن تلميع الصورة باستمرار لتكون عنوانا لحياتنا السياسية الحاضرة، ويتم تصديرها باستمرار على شاشات الفضائيات وتسطيرها بأقلام كتاب كبار يجلسون في مكاتب مكيفة؟! هل يفتقد المواطن إلى ابتسامة رجل الشرطة.. أم أن رجل الشرطة يبحث عن مرآة مستوية في عيني مواطن يراه دائما من خلال صورة ذهنية كريهة ضخمتها الآلة الإعلامية..؟! صدفة جمعتني منذ أيام لأجلس إلى ضابط برتبة كبيرة بمديرية أمن القاهرة، ظل يعدد الأسباب التي جعلت المواطن يشعر نحوهم بكراهية وقال: من ضمنها الصحافة التي تسوق صورة سيئة في ألبوم الشرطة الذي يحتوى على العديد من الصور الجميلة. و حدثته بدوري عن ضرورة انتقاء الضباط الذين يتعاملون بشكل مباشر مع المواطنين واختيار الذين يتميزون بالبعد الإنساني وتطبيق روح القانون. حكيت له عن ضابط كانت فتاة قد تطاولت عليه بالشتم والتوبيخ أثناء تظاهرة 6 أبريل ولم يخرج عن شعوره بكلمة واحدة، ولم تمتد يده إليها بسوء، وكل ما فعله هو نصحها بالابتعاد عن المكان حتى لا تتعرض للإيذاء. قلت له إن مثل هؤلاء الأشخاص يصنعون الألفة والمودة مع المواطن، في الوقت الذي نرى فيه زملائهم يمارسون دورهم بمنتهى القسوة. وبدوره لفت الضابط انتباهي إلى وجوه أشخاص بعينهم لا عمل لهم سوى يتواجدون وسط كل تظاهرة، وتساءل: من الذي ينفق عليهم؟.. ولماذا؟.. الأمر الذي جعلني أكتشف وجود أيد خفية وراء التظاهرات تنفق الأموال لاضرام النار في جسد الوطن لجعله دائما في حالة اشتعال، وهي تدس فئة بعينها تقوم بالتخريب في الممتلكات العامة حتى يتم التصدي لها من قبل رجال الشرطة فتبدو الصورة كأن الشرطة تعاقب المحتجين.. وهذا غير صحيح. قال لي إن الأوامر الصادرة إليهم هي عدم الاعتداء على أي متظاهر، في الوقت الذي تصبح فيه مهمة المحافظة على الأمن في وجود الفئة المندسة أمر في غاية الصعوبة. واتفق معي على أن المصالحة بين المواطنين والشرطة تحتاج من الطرفين إلى إعادة تقييم العلاقة بينهما، وأن مصر تحتاج لصوت ثالث يكون غيورا على سلامة هذا الوطن. صوت لا يجرم كل رجال الشرطة ولا يبرأ كل الذين يتعاملون معهم. حين تركته أشفقت عليه وأنا أتذكر كلامه عن أحد أولاده الذي صار يستوجبه كمتهم حين تقع أي حادثة اعتداء على مواطن، خاصة بعد أن يشاهد الصور التي تبثها الفضائيات أو الفيس بوك الذي لا يتوقف عن التحريض عن طريق أشخاص لا هم لهم سوى إشعال الفتنة... لعن الله قانون الطوارئ الذي جعلنا جميعا متهمين سواء مواطنين أو رجال شرطة، كلانا يقول أنا برئ وكل منا يحتاج لمن ينصفه.

ليست هناك تعليقات: